"تقنية البلوكتشين" في الصناعات الدوائية - الهلال الإخباري

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"تقنية البلوكتشين" في الصناعات الدوائية - الهلال الإخباري, اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025 05:43 مساءً

تعد "تقنية البلوكتشين" أحد الابتكارات التقنية الثورية التي بدأت تأخذ مكانها في مختلف المجالات، ومن بينها الصناعات الدوائية التي تواجه تحديات معقدة تتعلق بسلسلة الإمداد، وبيانات التجارب السريرية، ومكافحة الأدوية المقلدة. في هذا المقال، عزيزي القارئ، سنستعرض كيف يمكن لهذه التقنية أن تُحدث نقلة نوعية في الصناعات الدوائية، من خلال تعزيز الشفافية، وضمان أمان البيانات، والمساعدة في مكافحة المنتجات المزيفة.

شهدت السنوات الأخيرة تطورات كبيرة في مجال التقنية الرقمية، وبرزت تقنية البلوكتشين كأحد الحلول التي تقدم مستوى جديدا من الأمان والشفافية. تعتمد هذه التقنية على نظام لا مركزي تخزن فيه البيانات في كتل مترابطة بشكل يصعب تعديله أو اختراقه، مما يجعلها مثالية للتطبيقات التي تتطلب دقة ومصداقية عالية. وفي الصناعات الدوائية تُعد الثقة في سلسلة الإمداد وموثوقية بيانات التجارب السريرية من العوامل الأساسية لضمان سلامة المرضى وجودة الرعاية الصحية.

تواجه الصناعات الدوائية تحديات جمة في سلسلة الإمداد؛ فمن تأكيد أصالة المنتجات إلى تتبع مسارها من المصنع حتى وصولها إلى المستهلك، تعد الشفافية والموثوقية من أهم المتطلبات. هنا يأتي دور تقنية البلوكتشين في تقديم حل شامل لهذه المشكلات. باستخدام تقنية البلوكتشين، يمكن لكل مرحلة من مراحل سلسلة الإمداد تسجيلها بشكل دائم وشفاف، مما يسهل التحقق من المصدر، وتاريخ الصنع، والتخزين والنقل. عزيزي القارئ، هذا النهج يقلل من احتمالية دخول أدوية مقلدة إلى السوق، إذ إن كل عملية تتبع وتسجيل تكون مرئية لجميع الأطراف المشاركة. على سبيل المثال، يمكن للأطباء والصيادلة وحتى المرضى التحقق من صحة المنتج عبر مسح رمز QR مرتبط بسجل "البلوكتشين"، مما يعزز ثقة المستهلكين في المنتج النهائي ويقلل من المخاطر الصحية المرتبطة بالأدوية المزيفة.

لا يخفى عليك عزيزي القارئ، تُعد التجارب السريرية حجر الزاوية في تطوير الأدوية الجديدة، حيث تعتمد على دقة البيانات وصحتها لاتخاذ قرارات حيوية بشأن سلامة وفعالية الدواء. تواجه هذه التجارب تحديات كبيرة تتعلق بالتلاعب في البيانات أو تسربها، وهو ما قد يؤثر سلبا على النتائج وسمعة الشركات.

من خلال تطبيق البلوكتشين، يمكن تأمين المعلومات كافة المتعلقة بالتجارب السريرية بطريقة تضمن عدم التلاعب بها. إذ يتم تسجيل كل معاملة أو تغيير في البيانات في سجل لا يمكن التلاعب به، مما يوفر مسارا واضحا للتحقق من أي تغيير أو تعديل في البيانات. وبذلك يصبح من السهل على الجهات التنظيمية والباحثين مراجعة النتائج والتأكد من صحتها، مما يعزز الثقة في نتائج التجارب ويقلل من المخاطر القانونية والتنظيمية.

رغم الفوائد الكبيرة التي يقدمها "البلوكتشين" في الصناعات الدوائية، إلا أن هناك تحديات تقنية وتنظيمية يجب معالجتها قبل تبنيها بشكل كامل. من ناحية تقنية، يتطلب تطبيق البلوكتشين استثمارات كبيرة في البنية التحتية الرقمية والتدريب على استخدام الأنظمة الجديدة. كما يجب التأكد من توافق هذه التقنية مع الأنظمة القائمة وإيجاد حلول لتحديات مثل سرعة المعالجة وحجم البيانات الكبير. ومن الناحية التنظيمية، فإن الحاجة إلى وضع أطر تشريعية تنظم استخدام البلوكتشين في القطاع الصحي تُعد أمرا حيويا. يجب أن تتعاون الهيئات التنظيمية مع الشركات التقنية والصحية لتحديد معايير واضحة تضمن حماية البيانات الشخصية وحقوق المستهلكين دون التأثير سلبا على الابتكار والتطوير.

بدأت بعض الشركات الرائدة في مجال الأدوية بتطبيق تجارب ناجحة لاستخدام البلوكتشين في تحسين سلسلة الإمداد وتأمين بيانات التجارب السريرية. وقد أشارت هذه التجارب إلى تحسين ملحوظ في كفاءة عمليات التتبع وزيادة الثقة بين مختلف الأطراف المعنية. كما أدت هذه المبادرات إلى تقليل نسبة المنتجات المقلدة في الأسواق، مما يعكس الإمكانيات الكبيرة لهذه التقنية في تعزيز جودة الخدمات الصحية. من المتوقع أن يشهد المستقبل توسعا أكبر في تبني تقنيات البلوكتشين في القطاع الصحي، مع تكاملها مع تقنيات حديثة أخرى مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.

هذا التكامل سيوفر بيئة متكاملة لتحليل البيانات بشكل أفضل وتقديم حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه صناعة الأدوية، سواء في مجالات البحث والتطوير أو في تحسين تجربة المريض وضمان وصول الأدوية الأصلية والآمنة إلى المستهلك.

إن مستقبل الصناعات الدوائية قد يتشكل بشكل كبير من خلال التحول الرقمي الذي يقوده البلوكتشين، مما يفتح آفاقا جديدة للتطوير والابتكار. ويُعد هذا التحول فرصة لا تقتصر فقط على تحسين العمليات الحالية، بل تمتد لتوفير منصة متكاملة تضمن سلامة المرضى وتعمل على رفع مستوى الخدمات الصحية في العالم بأسره.

nabilalhakamy@

أخبار ذات صلة

0 تعليق