نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الخيانة الكبرى.. الصراع من أجل الحرية والديمقراطية في الشرق الأوسط - الهلال الإخباري, اليوم السبت 22 مارس 2025 10:54 مساءً
شهد الشرق الأوسط تحولات سياسية واجتماعية ، تخللتها فترات من الحراك الشعبي، والتدخلات الخارجية. ورغم محاولات إرساء أنظمة أكثر ديمقراطية، فإنها لا تزال تعاني توترات مستمرة بين الحكومات والمجتمعات. وفي ظل هذا المشهد ، برزت تساؤلات حول أسباب تعثر مسارات الإصلاح.
في هــذا السيــاق، يقــدم البروفيســور فــواز جرجــس في كتابــه «الخيانة الكبرى: الصراع من أجل الحرية والديمقراطية في الشرق الأوسط» تحليلاً شاملاً لهذه التحديات، متتبعاً جذورها التاريخية، ومناقشاً العوامل الداخلية والخارجية التي أسهمت في تشكيل الواقع السياسي الراهــن. يُسلط الكتاب الضوء على التوترات بين الدولة والمجتمع، وإخفاق النخب الحاكمة في الاستجابة لمطالب المواطنين، إضافة إلى سوء الإدارة الاقتصادية والتدخلات الخارجية التي زادت من تفاقم الأوضاع.
ينطلق جرجس من تساؤل محوري: لماذا يبدو التغيير السياسي في الشرق الأوسط معقداً وصعب المنال؟ يطرح الكاتب فرضية أن مزيجاً من الاستبداد السياسي، والتدخلات الغربية، واستمرار النزاعات الإقليمية، قد أدى إلى شلل سياسي وركود اقتصادي. ويشير إلى أن القوى الحاكمة في المنطقة قد تمكنت من إحباط محاولات التغيير من خلال شراكات قوية مع جهات خارجية، ما أعاق قدرة الشعوب على تحقيق تطلعاتها نحو الحكم الرشيد والعدالة الاجتماعية.
يعتمد جرجس في تحليله على استعراض شامل للأحداث الكبرى التي صاغت مسار الشرق الأوسط خلال أكثر من قرن، بدءاً من انهيار الدولة العثمانية، وتقسيم المنطقة بين القوى الأوروبية، وصولاً إلى الثورة الإسلامية الإيرانية والانتفاضات العربية المعاصرة. يرى الكاتب أن سكان الشرق الأوسط تعرضوا بشكل مستمر للإقصاء من عملية صنع القرار، سواء من قبل الأنظمة المحلية أو من خلال القوى الخارجية التي أسهمت في تشكيل الخرائط السياسية وفقاً لمصالحها.
يرفض جرجس تفسير أزمات المنطقة من خلال منظور أحادي البعد، مثل الحداثة أو الاستعمار فقط، معتبراً أن المشهد أكثر تعقيداً. ويؤكد أن التحليل الشامل يجب أن يأخذ في الاعتبار التنوع الكبير في سياقات الدول العربية والإسلامية، إضافةً إلى العوامل المتغيرة التي تجعل من المستحيل تعميم نظرية واحدة تفسر جميع التحديات التي تواجهها المنطقة.
يمكن القول: إن هذا الكتاب يمثل محاولة لفهم أعمق للعقبات التي تحول دون تحقيق الديمقراطية في الشرق الأوسط، بعيداً عن التفسيرات التبسيطية. وعلى الرغم من التحديات العديدة، يُبدي جرجس تفاؤلاً حذراً بشأن مستقبل المنطقة، إذ يرى أن الجيل الجديد من الشباب العربي والمسلم، الذي يزداد وعياً وإدراكاً لحقوقه، يشكل قوة دافعة للتغيير. فبرأيه، لا يمكن للأنظمة الاستبدادية وحلفائها الدوليين التحكم في مسار التاريخ بشكل مطلق، بل إن الشعوب، وخاصة الأجيال الشابة، تلعب دوراً حاسماً في إعادة تشكيل الواقع السياسي والاجتماعي. ورغم القيود المفروضة، تعكس التيارات الفكرية والاجتماعية الصاعدة إصراراً متزايداً على انتزاع الحقوق وتحقيق العدالة. ويرى الكاتب أن التحولات التدريجية، وإن كانت بطيئة، تشير إلى وعي جديد يرفض الخضوع للأمر الواقع ويسعى لإرساء أسس أكثر عدالة وحرية، ما قد يمهد الطريق لإصلاحات جوهرية على المدى الطويل.
0 تعليق