أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، أن السودان لا يزال يعيش في أزمة إنسانية غير مسبوقة بعد مرور عامين على اندلاع الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، مؤكدًا أن المدنيين يدفعون الثمن الأعلى في هذا الصراع الذي وصفه بـ "العبثي".

ودعا جوتيريش في بيان رسمي صادر عن الأمم المتحدة إلى إنهاء الحرب فورًا، مشيرًا إلى أن الأعمال القتالية لا تزال تستهدف المدنيين بشكل مباشر، وتدمر البنية التحتية الأساسية في البلاد.

الغارات العشوائية تقتل المدنيين وتدمر الأسواق والمستشفيات والمدارس

أكد الأمين العام أن أعمال القصف العشوائي والغارات الجوية ما زالت تتسبب في قتل وتشويه أعداد كبيرة من المدنيين. وأوضح أن الأسواق، والمستشفيات، والمدارس، ودور العبادة، وحتى مواقع نزوح السكان، أصبحت أهدافًا مباشرة للهجمات.

كما ندد جوتيريش بتفشي أعمال العنف الجنسي، والتي تطال النساء والفتيات بشكل مروّع، في ظل غياب الحماية وغياب المساءلة، مضيفًا أن المدنيين يتعرضون لانتهاكات جسيمة في مناطق النزاع.

السودان يتحول إلى أكبر أزمة نزوح في العالم

كشف البيان عن تحول السودان إلى أكبر أزمة نزوح في العالم، حيث نزح داخليًا نحو 12 مليون شخص، فيما اضطر أكثر من 3.8 مليون آخرين لعبور الحدود إلى الدول المجاورة بحثًا عن الأمان، وفق بيانات الأمم المتحدة.

وأشار جوتيريش إلى أن أكثر من 30 مليون شخص باتوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بينما يعاني 25 مليون شخص من الجوع الحاد، أي ما يزيد عن نصف سكان السودان.

وأكد أن خطر المجاعة يلوح في الأفق، خاصة مع اقتراب موسم العجاف، لافتًا إلى أن المجاعة قد انتشرت بالفعل في خمس مناطق على الأقل، ومن المتوقع أن تتوسع رقعتها خلال الفترة القادمة.

العاملون في المجال الإنساني يدفعون حياتهم ثمنًا للعمل وسط النزاع

أشار جوتيريش إلى استهداف العاملين في المجال الإنساني بشكل مباشر، حيث فقد نحو 90 عاملًا إنسانيًا حياتهم منذ بداية الحرب في 15 أبريل 2023، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.

وتحدث عن التحديات التي تواجه المنظمات الإغاثية، والتي تتمثل في انعدام الأمن، والعوائق البيروقراطية، ونقص التمويل، مما يمنعها من الوصول إلى المناطق الأكثر احتياجًا.

ولفت إلى أن أقل من 25% من المنشآت الصحية لا تزال قادرة على العمل في أكثر المناطق تضررًا، في حين تم حرمان ملايين الأطفال من التعليم بسبب تدمير المدارس أو استخدامها كمراكز إيواء للنازحين.

الأمم المتحدة تقدم مساعدات محدودة بسبب التحديات الأمنية والتمويلية

أوضح الأمين العام أن الأمم المتحدة وشركاءها الإنسانيين تمكنوا خلال العام الماضي من تقديم المساعدة لأكثر من 15.6 مليون شخص بنوع واحد على الأقل من الخدمات، إلا أن الاحتياجات تتجاوز بكثير الإمكانيات المتاحة حاليًا.

وأعرب عن قلقه الشديد من عجز العاملين الإنسانيين عن تعزيز وجودهم في المناطق الحرجة بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة.

جوتيريش: الالتزامات بحماية المدنيين يجب أن تُترجم إلى أفعال حاسمة

انتقد الأمين العام تجاهل أطراف النزاع للالتزامات الدولية المتعلقة بـحماية المدنيين، رغم توقيعهم على "إعلان جدة" في مايو 2023، الذي تضمن بنودًا واضحة لحماية المدنيين ووقف استهدافهم.

ودعا جوتيريش إلى ضرورة إجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة وشفافة بشأن جميع الانتهاكات الموثقة، مؤكدًا أن محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم تُعد خطوة أساسية نحو وقف الانتهاكات وتهيئة بيئة آمنة لعودة النازحين.

جهود دولية مطلوبة لوقف الكارثة السودانية

شدد جوتيريش على أهمية إطلاق جهود سياسية شاملة ومنسقة لتفادي المزيد من تفكك السودان، داعيًا المجتمع الدولي إلى مساعدة السودانيين على إنهاء هذه الكارثة، ووضع ترتيبات انتقالية مقبولة لجميع الأطراف.

وأكد أن السودان لا يزال يحتل أولوية قصوى في أجندة الأمم المتحدة، مشيرًا إلى استمراره في التنسيق مع القادة الإقليميين من أجل تعزيز المسار الدولي نحو تحقيق السلام.

كما أكد استمرار مبعوثه الشخصي، رمطان لعمامرة، في العمل على دعم الوساطة الدولية وضمان أن تصب جميع الجهود في اتجاه واحد يهدف إلى إنهاء الصراع.

الأمين العام يطالب العالم بعدم نسيان السودان

اختتم الأمين العام للأمم المتحدة بيانه بتأكيده على ضرورة تجديد التركيز الدولي على إيجاد نهاية لهذه الحرب الوحشية، داعيًا المجتمع الدولي إلى عدم نسيان شعب السودان، الذي يعيش واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث.