نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الإمارات والكويت.. تاريخ مشترك وعلاقة أخوية ثابتة - الهلال الإخباري, اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025 07:45 مساءً
منذ قيام اتحاد دولة الإمارات على يد المؤسس والقائد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كانت دولة الكويت شريكاً صادقاً في مسيرة التأسيس والدعم والمؤازرة، والقيادة الحكيمة في البلدين، متمثلة في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، حريصة على تعزيز هذا النموذج الخليجي الناجح الذي يُضرب به المثل في العلاقات الأخوية.
علاقة تاريخية
العلاقة التاريخية بين الإمارات والكويت لم تكن وليدة اللحظة، بل تمتد جذورها لعقود طويلة سبقت إعلان الاتحاد عام 1971، حيث وقفت الكويت إلى جانب الإمارات في مراحل مفصلية من تاريخها، وساندتها برؤية ناضجة وجهود ملموسة في البناء والنماء، خاصة في القطاعات التعليمية والصحية والاقتصادية والثقافية، وإلى آخره من عطاءات خالدة.
وقد ظلّ هذا العطاء محفوراً في ذاكرة وقلوب أبناء الشعب الإماراتي، وهو ما أكده الشيخ زايد، رحمه الله، في أحد لقاءاته حين قال: «الكويت مثل ما هي غالية عند أميرها وشعبها، هي غالية عندنا، ومعزتها من معزة الإمارات»، هذا القول الصادق يلخص عمق العلاقة وصدق المشاعر التي تجمع بين البلدين، ويجسد روح الأخوة والخليج الواحد التي أرساها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في نهج الدولة وسياساتها.
نموذج يحتذى
وعلى مرّ السنوات، ظلت العلاقة بين البلدين نموذجاً يُحتذى به، وبقيت الروابط متينة، مبنية على أواصر الأخوّة بين الشعبين الشقيقين، وقائمة على التفاهم، والاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة.
ولم تقتصر قوة العلاقة بين الإمارات والكويت على الجوانب الرسمية فحسب، بل امتدت عميقاً إلى وجدان الشعوب، التي توارثت هذا الود جيلاً بعد جيل. فترى الإماراتي في الكويت بين أهله وناسه، والكويتي في الإمارات وكأنه يعيش في وطنه الثاني، وهذه الروح الأخوية الصادقة هي في ذاتها شهادة حية على عمق المحبة وصدق الانتماء بين البلدين.
تطوير آفاق التعاون
وفي إطار زيارة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، إلى دولة الكويت، وقّعت الإمارات والكويت عدداً من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تعزز التعاون بين البلدين. وتأتي هذه الخطوة لتجديد العلاقة بروح العصر، وتعكس حرص القيادة في كلا الدولتين على تطوير آفاق التعاون ليشمل مجالات أوسع وأكثر تأثيراً.
وقد شملت الاتفاقيات مجالات استراتيجية تعبّر عن فهم عميق لأولويات التنمية في البلدين، وتُرسي دعائم شراكة شاملة في:
الصحة، باعتبارها شريان الحياة والحجر الأساس في رفاه الشعوب، حيث يأتي التعاون في هذا المجال ليعكس حرص البلدين على بناء أنظمة صحية متقدمة ومستدامة، تسهم في تعزيز جودة الحياة وخدمة الشعبين الشقيقين بكفاءة عالية.
وفي مجال التعليم، الذي يُعد أداة النهضة والتحول والنمو للدول العظمى، تبرز أهمية التعاون بين البلدين اللذين يُعدان من الدول الرائدة في تطوير التعليم الحديث، بما يعزز مكانتهما ويرتقي بشعبيهما نحو آفاق المعرفة والتميّز.
أما في المجال الدبلوماسي، فإن التنسيق السياسي والتدريب المتبادل للكوادر، عبر مؤسسات عريقة مثل أكاديمية أنور قرقاش ومعهد سعود الناصر، يعكس النضج السياسي والفكري ويعزز الحضور الفاعل للبلدين على الساحتين الإقليمية والدولية.
وفي مجال النقل البري والبنية التحتية، يُعد تطوير هذا القطاع الحيوي محركاً رئيسياً للتكامل الاقتصادي والتنمية المستدامة، ويعكس حرص البلدين على بناء منظومة متقدمة تدعم الترابط وتسهل الحركة التجارية والخدمات اللوجستية.
وفي الشؤون والتنمية الاجتماعية، يتجلى نموذج المجتمع الخليجي المتماسك، من خلال برامج تضع رفاه المواطن في مقدمة الأولويات، بما يعكس القيم المشتركة والرؤية الإنسانية التي تجمع البلدين.
وفي الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، يُمثل دعم الابتكار وتوطين التقنيات في القطاعات الاستراتيجية أولوية لبناء اقتصادات مرنة ومزدهرة، ويعكس طموح البلدين في أن يكونا في طليعة الدول الساعية إلى التقدم التقني والمعرفي.
وفي قطاع النفط والغاز، باعتباره من أهم الموارد الحيوية، يأتي التعاون بين البلدين كركيزة للاستدامة، من خلال تبني أحدث التقنيات والمعايير البيئية، ما يعكس حرصهما على تحقيق توازن بين التنمية وحماية الموارد.
وفي المجال القانوني، يُعد توفير بيئة قانونية مستقرة عاملاً أساسياً لتعزيز منظومة العدالة وتسهيل الإجراءات القضائية والتشريعية، ويُبرز التزام البلدين ببناء أنظمة قانونية راسخة تحمي الحقوق وتدعم التنمية.
وفي مكافحة الاتجار بالبشر، يُجسد التفاهم المشترك التزاماً إنسانياً نبيلاً لحماية كرامة الإنسان وصون حقوقه، والتصدي لهذه الجريمة الخطرة التي تسيء إلى المجتمعات وتُهدد الأمن الاجتماعي.
أما في مجال الكهرباء والمياه وطاقة المستقبل، فإن التوجه نحو المشاريع المستدامة والطاقة النظيفة يعكس وعياً بيئياً عالياً ومسؤولية جماعية تجاه الأجيال القادمة، وهو ما ينسجم مع الرؤية التنموية الطموحة للبلدين.
بيئة اقتصادية مرنة
وفي تشجيع الاستثمار المباشر، تبرز الجهود المبذولة لتهيئة بيئة اقتصادية مرنة وجاذبة، تعزز من دور القطاع الخاص، وتدفع نحو اقتصاد قوي ومستقر ومستدام يخدم المصالح المشتركة.
وفي حماية البيانات والمعلومات، يُعد التعاون الأمني، وخاصة في الأمن السيبراني، خطوة مهمة لمواجهة التحديات الرقمية المتزايدة، ويُجسد مستوى الثقة والتكامل بين البلدين في بناء بنية أمنية متطورة وعصرية
كل هذه المسارات ليست مجرد اتفاقيات مكتوبة، بل هي تعبير عملي عن وحدة الرؤية، وصدق النية، وإرادة القيادتين في تحويل العلاقات الأخوية إلى نموذج تكامل فاعل.
إن ما يجمع الإمارات والكويت اليوم هو أكثر من التاريخ والجغرافيا، إنه الشعور العميق بالانتماء الواحد، والمصير المشترك، والرؤية الموحدة نحو مستقبل مزدهر وآمن ومستدام.
0 تعليق