نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حين ترتدي المرأة المشلح: رمزية التمرد في الرواية النسوية السعودية - الهلال الإخباري, اليوم الأربعاء 7 مايو 2025 03:55 صباحاً
في رواية بنات الرياض لرجاء الصانع، يظهر المشلح كقيد ثقافي يحاصر البطلات، حيث تتجلى سلطة الأب أو الأخ مرتدية هذا الرمز، في إشارة إلى أن القرارات المصيرية للمرأة تقع تحت وصاية الرجل. وتبدو البطلات وكأنهن يتحركن في فضاء مقيد بأثواب ثقيلة من الأعراف الاجتماعية. وهكذا يتحول المشلح إلى صورة رمزية عن القيود الاجتماعية المفروضة على المرأة، لا مجرد لباس شرف.
وفي رواية جاهلية لليلى الجهني، يتخذ المشلح طابعا نفسيا، إذ يرمز إلى الثقل الاجتماعي والداخلي الذي يمنع البطلة من تحقيق ذاتها أو التعبير عن حريتها. تصف الرواية المشلح كستار يحجب الهوية الفردية، ليصير تجسيدا للضغوط النفسية التي تعيشها المرأة حين تواجه صراعا داخليا بين المحافظة الاجتماعية وتوقها الفطري للكرامة والاستقلال.
أما رواية نساء المنكر لسمر المقرن فتقدم توظيفا أكثر جرأة، حيث تعمد البطلات إلى السخرية من رمزية المشلح، وتحويله من دلالة للقوة والهيبة إلى علامة على هشاشة السلطة التقليدية. وتستخدم الكاتبة التهكم بوصفه آلية نقدية لكشف التناقض بين مظهر السلطة وواقع هشاشتها، مما يعكس وعيا نسويا نقديا متقدما.
تؤكد هذه الروايات أن الكاتبات السعوديات لم يكتفين بتسجيل القهر الاجتماعي، بل انخرطن في ممارسة نقد ثقافي واعٍ، عبر إعادة تفكيك رموز السلطة وإعادة تأويلها. ولئن عكست هذه النصوص صراعا مع التقاليد، فإنها حافظت على الالتزام بالقيم الإسلامية والاجتماعية، حيث ظل الخطاب الأدبي يدعو إلى تحقيق الحرية الكريمة للمرأة ضمن منظومة أخلاقية تحترم الدين والمجتمع، لا تمردا فوضويا منفلتا.
وعليه، فإن استحضار المشلح في الرواية النسوية يمثل صورة رمزية لصراع متجدد: صراع من أجل الاعتراف بالهوية النسوية الحرة، دون أن يكون في ذلك خروج عن المبادئ الإسلامية التي كرّمت المرأة وأعلت من مكانتها.
وتوصي هذه القراءة بأهمية توسيع الدراسات النقدية التي تتناول رموزا ثقافية أخرى في الأدب السعودي، مثل العقال والعباءة، لتحليل كيف تعيد النصوص النسوية صياغة الرموز الاجتماعية في ضوء التحولات العميقة التي يشهدها المجتمع السعودي الحديث.
إن رمزية المشلح إذن لا تحكي فقط قصة لباس، بل تروي حكاية صراع ثقافي واجتماعي وأخلاقي، يتمحور حول السؤال الأعمق: كيف يمكن للمرأة أن تكون ذاتها، وهي تظل وفية لقيم مجتمعها وأصالة ثقافتها؟
0 تعليق