نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
انحسار الرجال بعد التقاعد - الهلال الإخباري, اليوم الثلاثاء 8 أبريل 2025 12:18 صباحاً
الزملاء المتقاعدون يحلو لهم أن يشرحوا لبعضهم معاناتهم في منازلهم، بحرب قد تكون صامتة بين تاريخهم كأرباب للبيت، وبين ما يحدث لهم من انحسار مع تصاعد طموحات الزوجة، التي تغتصب كل الحقوق في التوسع والهيمنة وإعادة التخطيط والتنفيذ وبما يخنق حقوق الزوج، ويجعله ضيفا شبه متلاشٍ في بيته.
الأمر قد يبدو فكاهة، ولكنه حقيقة يمثل حال بعضهم، ومهما بالغوا في التندر بشخصية الجبان الذي لم يعد قادرا على المواجهة ولا المناقرة، ولا على خلق الزعل مع من أصبحت سيدة البيت دون منازع.
مساحات تحرك الزوج تتناقص شيئا فشيئا لصالحها، فيتم إعادة ترتيب الغرف، بما يجعله يختنق في أضيقها، عكس تمدد مساحات الزوجة المفترية، بغرفة نومها الخاصة، وغرفة ملابس، وأخرى لمكياجها وامتداد أشيائها إلى كل الاتجاهات، ويبقى الزوج زائرا غير مرغوب فيه، يعرقل حريتها في تنسيق أنشطتها الاجتماعية، ومناطق استرخائها واستحمامها وارتداء ملابسها، والاستعداد الشكلي لتنفيذ عمليات المكياج والمساج وما يتبعها من بدي كير وصباغ وترميم، بينما يكتشف الرجل أنه يضمحل، ويسكن أضيق غرفة، متعايشا مع علامات تهجير أبعد، ربما للسطح، تاركا أرضه للمحتلة العنيدة.
الأمر يحدث تلقائيا، مهما أطلق من نظرات عتب ورفض، وسط نوايا توسع عظيمة لا تنام، ومشاركة أخواتها وصديقاتها في عمليات التخطيط والتنفيذ، حتى لا يعود للزوج حق يذكر، ولا مكان يزاول فيه هواياته، فربما يحذف لملحق علوي، أو حوش، لتصفو الأجواء للزوجة في مملكتها المغتصبة، تستحل عرشها، بعد تراخي قوة المالك القديم، ورضاه بالتضحيات، والاكتفاء بالقليل، بعيدا عن أسباب الزعل، والمشاكل، التي لم يعد يطيقها، ولا يثأر فيها لنفسه.
المجالس لا بد أن تظل جاهزة لاستقبال الضيوف، وضيف الزوج نادر ما يحضر، ولكن ضيوف الزوجة يتعاظمون، ويتعاملون مع منزله السابق وكأنه ملك أبيهم بالوراثة.
الأزواج في مجاميعهم الخاصة يتندرون، ويحكون عن عجيب فكاهات ما يحصل لهم، والزوجات يسمعن ما يحكى، ويتلقينه بسعادة، يشرح صمودهن وجدوى الإصرار، ويعينهن في معارك تواجد منزلية، رسمن خططها، وجندن البنات والأبناء، وكن خير من يتربص ويبرر وينفذ، وينال في النهاية.
«سقى الله أيام زمان»، جملة يرددها الرجال المتقاعدون، حينما يتذكرون كيف كانت المساحات والإمكانيات تفسح لهم في منازلهم. و»الله لا يردها من أزمنة»، جملة ترددها ألسنة زوجاتهم، اللاتي قلبن المعاني، ووجدن الفرصة المتاحة ليعوضن الأحقية بانتصارات تحدث ولو بعد حين.
الشكل الخارجي للبيت، في أعين الأقارب والجيرة يعبر عن سلام وسكينة، ولكنه من الداخل يشعل مؤامرات وخططا وتفاصيل وحوارات وصراعات تدوم بين الزوجين ومعاهدات وتنازلات، والحنان والغنج يتحول إلى صرامة وتنفيذ، والرجاء، يصاغ أمرا، والعتب يحمل التهديد والغضب، ويرفض أي محاولات بائسة للتحرر من واقع سلطة غاشمة.
صدقوني أنا هنا أتحدث عن حياة الزوج المتقاعد والزوجة المتصابية، وليس تصويرا لتعنت إسرائيل وتوسيع مستعمراتها، ولا لتهجير الشعب المسكين، وإفهامه أن ما كان يظنه حقوقا أصبح ضياعا، وأنه لا بد أن يتنازل أكثر، وأن يرضى بأي مساحة هامشية، وقيمة معنوية، حتى لا تغضب الزوجة المفترية، وترتب له سكنا ملاصقا لغرفة السائق، بمعرفتها أن قوته السابقة، أصبحت كذبة.
0 تعليق