بلادنا والحاسدون - الهلال الإخباري

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بلادنا والحاسدون - الهلال الإخباري, اليوم السبت 12 أبريل 2025 10:22 مساءً

(المحسنون من أكثر الناس تعرضا للحسد) قد تستغرب من هذا الكلام عزيزي القارئ، فالناس تثني على المحسن، وتقدره في مجالسها، وتنزله منزلة رفيعة، وتجد له حبا في قلوبهم من خلال حديثهم عنه، خاصة المحسن إليهم.

ولكن هذا عند طيب النية، وحسن الخلق، وجميل الطباع، صافي السريرة، وليس كل الناس كذلك!

وقد يزيد استغرابك وتعجبك إذا علمت أن على رأس الحسّاد من تُحسن إليهم، فترى ذلك في نظرات أعينهم، وفيما يصلك من كلام، وفي لحن القول عندهم، بل ربما تسمعه ظاهرا في كلامهم صراحة، قال أحدهم لمن أحسن إليه مُستغلا ما أعطاه (ما يكفي، يا أخي أنت تستلم راتب كذا وكذا).

قد يستفزك الموقف، وتغضبك هذه التصرفات والأفعال، يرد أحد المحسنين عن ذلك: لو عملنا حسابا لأقوالهم ما أنفقنا ريالا واحدا، ولو أردنا مدحا لطلبناه في مواقف (الهياط)، لكننا نطلب وجه الله، يقول الله تعالى (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا).

ومن أكثر الناس حسدا من يعلم بإحسانك لغيره، ولا يصل إحسانك إليه، فهنا قد يتحول الحسد إلى كره عميق، ليصل إلى حقد أسود، لا يبيّضه شيء، فلا يقبل منك حديثا، ولا يرضى منك فعلا، ولا يوافق معك موقفا.

إن الإحسان وعمل الخير، يجعل ضعاف النفوس، ينظرون إلى المحسن، وإلى النعم التي حباها الله إياه، ويتنعم بها، فيحسدونه عليها، وكأنها جاءت من جيوبهم، وكأن لهم فضلا فيها... قال أبو تمام:

وإذا أرادَ اللهُ نشرَ فضيلةٍ

طُويتْ، أتاحَ لها لسانَ حسودِ

لولا اشتعال النارِ فيما جاورتْ

ما كانَ يُعرَفُ طيبُ عرفِ العودِ

هذا هو قدر بلادنا الحبيبة، وقيادتنا الرشيدة، التي تعاهدت فعل الخير واعتادت عليه، من زمن المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله، وصار ديدنا للملوك من بعده، فهي أكثر الدول إحسانا وعملا للخير، وأكثر الدول في كثرة حاسديها، والحاقدين عليها، حتى من قبل من أحسنا إليهم.

صلى جواري في المسجد الحرام شيخ في القراءات من دولة مالي، يقارب الستين من عمره، فلما حدثني، علمت أنه أخذ علم القراءات من الجامعة الإسلامية بالمدينة، منذ سنين قديمة، ودرّسه فيها مشايخ من كبار علماء القراءات على مستوى العالم الإسلامي، ثم عاد إلى بلده عالما فيها، معلما لغيره، ناشرا للخير، ومثله كثير.

فخير بلادنا تراه في معظم بلدان العالم، قريبها وبعيدها، أرضها، وناسها، والحمد لله، ولم يثنينا حسد الحاسدين عن فعل الخير، ودعم من يستحق، ولن يثنينا مستقبلا، ثقة في الله، وهذه الثقة من مصادر قوة بلادنا.

إن الحاسد لن يجدي معه حوار، ولن يفيد معه أي محاولة إقناع، لأنه يكره لك الخير، ويتمنى زواله، رُوي عن معاوية - رضي الله عنه - أنه قال (كل الناس أقدرُ عل رضاه إلا حاسد نعمة، فإنه لا يرضيه إلا زوالها).

قبل النقطة: ننعم بخيرات كثيرة في بلادنا، وبنعم الله التي لا تحصى، وما ذلك إلا بفضل الله وحده، فلنحمد الله تعالى، ونشكره على فضله، ولا نتيح أي فرصة لكره حاسد، أو غل حاقد.

أخبار ذات صلة

0 تعليق