رسالة سعودية مهمة - الهلال الإخباري

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رسالة سعودية مهمة - الهلال الإخباري, اليوم الأحد 9 فبراير 2025 08:37 مساءً

من بين أكثر المواقف لفتا للانتباه في الجدل الإقليمي والدولي الدائر حول طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن مسألة تهجير سكان قطاع غزة الفلسطيني، وما يثيره ذلك من حالة استنفار عربية ودولية، وما يثيره من تساؤلات حول أمور عدة منها جدية البيت الأبيض وجدوى الفكرة وفرص تنفيذها وكيفيته ومواقف الدول العربية والإسلامية من هذا الطرح، يبرز وسط كل ذلك رسالة وجهها الأمير تركي الفيصل سفير المملكة العربية السعودية الأسبق لدى واشنطن، إلى الرئيس ترامب تعليقا على دعوة الأخير لتهجير الفلسطينيين من القطاع الفلسطيني، حيث جاءت الرسالة قوية في تعبيراتها ومعانيها واضحة في أفكارها ومراميها، موضحا أن المملكة كانت طرفا في هذه القضية منذ ظهورها عقب الحرب العالمية الثانية، وأن السعودية كانت طرفا في الجدل الدولي الدائر حول وجود دولة إسرائيل نفسها، وتوضيح جذور الصراع ومراحل تطوره التاريخي، وصولا إلى إثبات حرص المملكة العربية السعودية على دعم أي جهد لإحلال السلام في الشرق الأوسط، مع التأكيد على أن السبيل لذلك هو إعطاء الفلسطينيين "حقهم غير القابل للتصرف في تقرير المصير ودولة عاصمتها القدس الشرقية، كما هو منصوص عليه في قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة 181 و194 وقراري مجلس الأمن 242 و338 ومبادرة السلام العربية"، مشيرا إلى أن السلام في المنطقة "لن يتحقق دون معالجة هذه القضية النبيلة بعدل ومساواة".

حث رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق الأمير تركي الفيصل في رسالته الرئيس ترامب على أن يلعب دور صانع السلام، وهو في ذلك يتماهى تماما مع الموقف الرسمي للمملكة العربية السعودية التي أكدت في بيان رسمي لوزارة الخارجية أن موقفها من قيام الدولة الفلسطينية "راسخ وثابت لا يتزعزع"، وأن الرياض ستواصل جهودها الدؤوبة من أجل قيام دولة فلسطينية.

بلا شك أن أهداف الرئيس ترامب في الشرق الأوسط تحديدا تبدو متضاربة، فهو قد أعلن أن الجيش الأمريكي لن يشارك في حروب جديدة، كما وعد بصنع السلام، ولكن أفكاره الخاصة بتهجير الفلسطينيين، وبعيدا عن فرص تحققها من عدمه، أعادت العجلة إلى الوراء كثيرا، ولا نتحدث هنا عن ملف تطبيع العلاقات بين دولة إسرائيل وجيرانها العرب، بل عن الصورة الذهنية للولايات المتحدة وعلاقاتها مع حلفائها التقليديين في الخليج العربي والشرق الأوسط، حيث بدا الرئيس ترامب واقفا في مربع واحد مع الحليف الإسرائيلي، وهذا حقه تماما بطبيعة الحال، ولكنه في المقابل يضع حلفاءه الخليجيين في زاوية حرجة للغاية.

لا خلاف على أن علاقات دول مجلس التعاون، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة مع الجانب الأمريكي مهمة للغاية للطرفين على حد سواء، ولا يمكن لأحدهما الادعاء بإمكانية التخلي عن المصالح المشتركة، ومن ثم فإن التفاهم وتنسيق المواقف والحوار المشترك هو السبيل الأمثل للحفاظ على قوة ومتانة هذه الشراكات والتحالفات التقليدية، لا سيما أن أي إضرار بشكل مباشر أو غير مباشر بهذه المصالح يتنافى تماما مع ما يطرحه الرئيس ترامب نفسه بشأن شعار "أمريكا أولا"، بل يتنافى مع مصالح إسرائيل نفسها التي يصف رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو الرئيس ترامب بأنه أوفى صديق لإسرائيل من بين الرؤساء الأمريكيين، وهذه مسألة تقوم على وجهة نظر متسرعة للغاية، لأن دعم إسرائيل بشكل حقيقي وجاد يكمن في توفير البيئة الاستراتيجية اللازمة للعيش بسلام بينها وبين جيرانها العرب.

الواقع يقول إن هناك علاقات رسمية بدأت منذ عام 2020 بين دولة إسرائيل وكل من دولة الإمارات ومملكة البحرين، وهناك اتفاقات سلام إقليمية سبقت ذلك بمراحل، ولكن الجديد أن هناك قناعات تتغير وتتبدل وهناك كانت توجهات بحاجة لظروف ملائمة لدى أطراف أخرى، وهناك آفاق مستقبلية جيدة للأطراف جميعها في ظل رغبة متنامية لتغليب السعي للسلام والاستقرار وتفادي عوامل الصراع والتوتر التي ظلت تخيم على أجواء المنطقة طيلة عقود طويلة مضت، لذلك فإن المنطق يقول إن الدفع بهذا الاتجاه وتغذية وتشجيع أي جهد مرتبط به والسعي نحو تحقيق السلام الحقيقي في منطقة الشرق الأوسط هو ما يمكن أن يقدم دعما فعليا لمستقبل إسرائيل وأجيالها المقبلة، لا سيما أن هناك من الدول العربية ما يمتلك رؤية واضحة للغاية وقابلة للتنفيذ بشأن التعامل مع ملفات معقدة، مثل مستقبل قطاع غزة، وهو الذي تحول إلى كرة لهب مشتعلة يمكن أن تفجر المنطقة بأكملها.

هنا أيضا اختلف مع من يقول إن الرئيس الأمريكي يفكر خارج الصندوق وإنه يطرح فكرة التهجير بسبب غياب البدائل والحلول في التعامل مع أزمة قطاع غزة، لأن هناك بالفعل خططا دقيقة للغاية، أبرزها رؤية دولة الإمارات لليوم التالي للحرب، ترسم مسارا واضحا لترسيخ بيئة تعايش وسلام بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، وهي خطة يمكن أن تنفذ جنبا إلى جنب مع خطط إعادة الإعمار وصولا إلى شكل مثالي من التسويات التي تراعي حقوق جميع الأطراف سواء الفلسطيني والإسرائيلي أو بقية العرب الذين سيتأثرون حتما بأي حل قسري قد يفتح الباب أمام المزيد من العنف والفوضى والإرهاب والتطرف في منطقة مشحونة بالفعل بالكثير من عوامل الفتنة ومسببات الصراع.

أخبار ذات صلة

0 تعليق