DOGE: إصلاح حقيقي أم إعادة توزيع للسلطة في واشنطن؟ - الهلال الإخباري

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
DOGE: إصلاح حقيقي أم إعادة توزيع للسلطة في واشنطن؟ - الهلال الإخباري, اليوم الثلاثاء 11 فبراير 2025 09:37 مساءً

عندما يُذكر lDOGE يتبادر إلى الذهن Dogecoin، العملة الرقمية التي بدأت كمزحة، مع صورة كلب Shiba Inu التي اجتاحت الإنترنت. لكن في واشنطن تأخذ هذه الكلمة بعدا مختلفا تماما، حيث أصبحت عنوانا لمشروع يروج له الرئيس الأميركي دونالد ترامب كخطوة نحو تبسيط الحكومة الفيدرالية.

وافق ترامب على إنشاء وزارة كفاءة الحكومة DOGE وكلف بقيادتها إيلون ماسك، الذي لطالما كان من أشد المنتقدين للبيروقراطية الأميركية. ويشاركه في هذه المهمة رجل الأعمال والسياسي الجمهوري فيفيك راماسوامي. الهدف المعلن للمشروع هو تقليل البيروقراطية، تقليص عدد اللوائح التنظيمية، وإعادة هيكلة الحكومة لتكون أكثر كفاءة وأقل كلفة.

ظاهريا، يبدو المشروع منطقيا؛ فالحكومة الأميركية تصدر سنويا أكثر من 4,500 لائحة تنظيمية جديدة، ما يؤدي إلى خنق الابتكار، وتعطيل المشاريع الاقتصادية، وتأخير تنفيذ مشاريع البنية التحتية الكبرى، من توسيع نطاق الإنترنت في المناطق الريفية إلى دعم الصناعات الفضائية. لكن السؤال الحقيقي ليس في مدى "كفاءة الحكومة"، بل في من المستفيد من تقليص اللوائح، ومن المتضرر منها؟

هل DOGE إصلاح حقيقي أم مجرد تغيير في مراكز النفوذ؟

لعقود، لم تكن اللوائح التنظيمية مجرد أداة لضبط الاقتصاد، بل كانت غطاء لحماية مصالح المجمع الصناعي العسكري، والشركات الكبرى التي تعتمد على عقود الحكومة الفيدرالية. فالحكومة التي يسعى ماسك وترامب إلى "تبسيطها" هي نفسها التي موّلت حروبا لا تنتهي، وأقرت ميزانيات دفاعية بمليارات الدولارات، وسمحت بوجود علاقة وثيقة بين السياسيين وشركات الدفاع.

حتى المشاريع التي يفترض أنها تهدف إلى تطوير البنية التحتية، مثل تخصيص 42 مليار دولار في 2021 لنشر الإنترنت في المناطق الريفية، لم تؤتِ ثمارها حتى الآن. فبعد مرور ثلاث سنوات، لم يُنفذ أي شيء، ويُتوقع أن يبدأ التنفيذ في 2026 على أقرب تقدير. السبب؟ ليس نقص التمويل، بل اللوائح التنظيمية التي تعيق التنفيذ وتحافظ على سيطرة الشركات الكبرى على السوق.

ترامب وماسك: إعادة تشكيل للسلطة أم تصحيح لمسار الحكومة؟

تاريخيا، لم يكن التحرير التنظيمي في الولايات المتحدة أداة لتحقيق النمو للجميع، بل كان في كثير من الأحيان وسيلة لإعادة توزيع الثروات والنفوذ نحو النخبة. فمن تخفيضات ريغان الضريبية التي زادت الفجوة بين الطبقات، إلى إلغاء كلينتون لقانون غلاس-ستيغال الذي مهد للأزمة المالية في 2008، وصولا إلى إصلاحات ترامب التي خفضت القيود التنظيمية بمعدل 12 إلى 1، كانت هذه السياسات تصب في مصلحة الشركات الكبرى وليس المواطن العادي.

إذا كان DOGE يسعى حقا لمحاربة الفساد والبيروقراطية، فلماذا لا يكون هدفه الأول هو التصدي لاحتكار المجمع الصناعي العسكري، وتقليص نفوذ جماعات الضغط الدوائية، وسد الثغرات التي تسمح لشركات بمليارات الدولارات بالتهرب الضريبي؟

بدلا من ذلك، نجد إدارة ترامب تركز على إزالة القيود عن الصناعات التي تفضلها، بينما تظل الحروب مستمرة، والديون تتراكم، والمصالح الكبرى تحافظ على نفوذها. لذا، مهما حاولت DOGE أن تُسوق نفسها كإصلاح ضروري، فإن الواقع يشير إلى أنها إعادة توزيع للسلطة، وليست بالضرورة تقليصا لها.

DOGE: مشروع سيغير الحكومة للأبد

ورغم كل هذه التحديات، فإن DOGE تحمل في طياتها فرصة غير مسبوقة لتغيير النظام الحكومي الأميركي نحو الأفضل. إذا نجح هذا المشروع، فإنه لن يكون مجرد إصلاح مؤقت، بل تحول دائم يضع حدا لإهدار أموال دافعي الضرائب، ويحد من استغلال السياسيين لمواقعهم لخدمة المصالح الخاصة، ويفصل بشكل جذري بين المال والسلطة. ترامب يدرك أن الحكومة الفيدرالية متضخمة وفاسدة، وتحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة، ووجود شخصية مثل ماسك على رأس هذا المشروع يفتح الباب لإصلاحات جذرية لم تكن ممكنة من قبل.

لهذا، ينبغي أن يكون DOGE مشروعا دائما، وليس مجرد مبادرة مؤقتة. مستقبل الحكومة الأميركية يعتمد على قدرتها على التخلص من الفساد، وخفض تأثير اللوبيات الكبرى، وجعل العمل الحكومي أكثر شفافية وكفاءة. إذا استمر هذا النهج، فإن إدارة ترامب قد تضع حجر الأساس لتحول تاريخي في هيكلة الحكومة الفيدرالية، مما يفتح المجال لمرحلة جديدة من الإصلاحات التي تعود بالفائدة على المواطنين، وليس على أصحاب المصالح الخاصة فقط.

أخبار ذات صلة

0 تعليق