نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ولاءات ترامب.. بين أمريكا أولًا ومتطلبات السلام - الهلال الإخباري, اليوم الأربعاء 5 فبراير 2025 12:51 مساءً
إذا كان ترامب جادًا في رغبته في صنع السلام كما يدعي.. وإذا كان جادًا في حاجته الحصول على جائزة نوبل للسلام.. وإذا كان جادًا في رغبته في فعل ما لم يستطع أي رئيس آخر فعله، في صنع السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتطبيع إسرائيل في المنطقة بطريقة حقيقية ومستدامة.. فإن الوصول إلى حل عادل ومعقول للفلسطينيين أمر ضروري للغاية لتحقيق ذلك.. والطريقة المُثلى للوصول إلى التأثير في إرادة ترامب، هي مناشدة شعوره بعظمته.. يجب إقناعه بأن اتفاقية السلام والتطبيع، لكي تكون حقيقية ومستدامة، وليست مجرد مجموعة من صفقات الأسلحة ـ وهو ما كانت عليه اتفاقيات إبراهام ـ يجب أن يكون لها حل حقيقي وعادل للفلسطينيين.. ولكنها مهمة صعبة.. فلم تُبد إسرائيل أي اهتمام بأي شيء قد يُقرب الفلسطينيين من إقامة الدولة ـ وهو ما زعم العديد من المحللين، أنه كان احتمالًا بعيد المنال منذ فترة طويلة ـ في ظل التوسع الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، رغم أن الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوج، الذي سبق أن أيد فكرة الدولة الفلسطينية، في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا، قال إن هجمات السابع من أكتوبر 2023، على جنوب إسرائيل، كانت بمثابة (جرس إنذار) بشأن مدى معقولية هذه الفكرة.
هناك أيضًا ولاءات ترامب المتضاربة في بعض الأحيان: لقاعدة سياسية مسيحية صهيونية كبيرة، متحالفة بقوة مع العناصر السياسية الأكثر تطرفًا في إسرائيل؛ وللمانحين، مثل المليارديرة الإسرائيلية ـ الأمريكية، ميريام أديلسون، التي دعمت حملته بما يقرب من مائة مليون دولار؛ وكذلك لشركاء في الخليج، مثل ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الذي أشار حتى الآن، إلى أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل سيكون على أساس قيام دولة للفلسطينيين.. وبالنسبة لرئيس يقول، إنه يريد وضع (أميركا أولًا)، فمن الصعب أن نرى كيف قد يتمكن ترامب من فصل نفسه عن الصراع على الإطلاق.. ونعتقد أن ترامب هو رجل يضع أمريكا في المقام الأول حقًا.. ولا يريد أن يقلق بشأن الحروب، ولا يحب التفكير فيها، وقد كرر ذلك مرارًا.. لكن في الوقت نفسه، لا نعرف من سيسحبه إلى ناحيته؟!.
يقول جون هوفمان، الزميل الباحث في معهد كاتو، وجاستن لوجان، مدير دراسات الدفاع والسياسة الخارجية في نفس المعهد، في مقال لهما بمجلة (تايم) الأمريكية، إن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى البيت الأبيض، ولقاءه الرئيس دونالد ترامب اليوم، تأتي في أعقاب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة.. ولكن من غير المرجح أن يصمد وقف إطلاق النار، إذا كان نتنياهو يعتقد أنه قادر على استئناف الحرب، بدعم من الولايات المتحدة.. ولهذا السبب، يتعين على ترامب أن يبذل قصارى جهده، من أجل إنهاء الحرب بشكل دائم، وأن يوضح لنتنياهو أنه إذا انهار وقف إطلاق النار واستؤنفت الحرب، فلن تتدخل الولايات المتحدة، لأن الفرصة المتاحة أمام ترامب للقيام بهذا، قد بدأت تضيق بالفعل.. وهناك أدلة تشير إلى أن نتنياهو وشركاءه في الائتلاف اليميني في إسرائيل، لا يريدون انتهاء الحرب.. فقد استقال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن جفير بالفعل بسبب وقف إطلاق النار، وهدد وزير المالية المتشدد، بتسلئيل سموتريتش بإسقاط الحكومة، إذا لم تستأنف إسرائيل الحرب بعد المرحلة الأولى، التي تستمر إثنين وأربعين يومًا من بدء سريان الاتفاق، وإذا رفض نتنياهو إعادة احتلال غزة.
وبحسب ما ورد، كان نتنياهو يُطمئن أعضاء متطرفين في ائتلافه الحاكم خلف الأبواب المغلقة، بأن الحرب ستُستأنف بدعم من الولايات المتحدة، إذا فشلت مفاوضات المرحلة الثانية بشأن إنهاء الحرب بشكل دائم.. لكن العودة إلى القتال في غزة ستصبح عبئًا ثقيلًا على ترامب، تمامًا كما كانت الحال بالنسبة لسلفه، جو بايدن، وستتعارض بشكل أساسي مع المصالح الأمريكية.. السبب الأول، هو أن الأدلة على أن الحرب سوف تحقق الأهداف التي أعلنها نتنياهو: تدمير حكم حماس في غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن، ضئيلة.. فحتى الآن، لم تُسفر عملية تدمير غزة وقتل عدد كبير من قيادات حماس عن أي من الهدفين.. وتظل حماس القوة السياسية والعسكرية المهيمنة داخل القطاع.. وقد صرح وزير الخارجية الأمريكي السابق، أنتوني بلينكن، مؤخرًا، بأن حماس جندت عددًا من المقاتلين، يكاد يعادل عدد من فقدتهم خلال خمسة عشر شهرًا من الحرب.. وعلى نحو مماثل، ذكرت صحيفة (جيروزالم بوست) العبرية، أن عدد مقاتلي حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية وحماس مجتمعين، قد عاد إلى أكثر من مما كان عليه.. أما بالنسبة للرهائن، فقد أنقذ الجنود الإسرائيليون ثمانية منهم، من خلال القوة العسكرية، لكن حماس أطلقت سراح أكثر من مائة منهم بفضل الدبلوماسية.
علاوة على ذلك، فإن تجدد القتال من شأنه أن يصرف انتباه إدارة ترامب عن التركيز على الصين، أكبر تهديد جيوسياسي للولايات المتحدة.. كما يمكن أن يساعد الصراع في غزة على جر الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران ـ والتي أوضح نتنياهو أنه يريدها ـ والتي ستكون خطأً استراتيجيًا للمنطقة، وتستنزف طاقة جهاز السياسة الخارجية الأمريكية.. أخيرًا، فرضت الحروب في أوكرانيا وإسرائيل بالفعل، ضغوطًا على مخزونات الأسلحة الأمريكية الحيوية، واستمرار سحبها، من شأنه أن يزيد من تآكل الردع والاستعداد في المسارح الأخرى.
إن مثل ترامب، كمثل أي رئيس أمريكي، لديه نفوذ إذا كان على استعداد لاستخدامه.. والواقع أن الأسلحة الأمريكية ـ منها ثمانية عشر مليار دولار من المساعدات العسكرية، في هيئة أصول دفاعية صاروخية أمريكية نادرة، وأفراد أمريكيين في إسرائيل لتشغيلها، بالإضافة إلى الغطاء الدبلوماسي في الأمم المتحدة ـ مكنت استمرار الحرب حتى الآن.. ولقد أدركت إدارة ترامب بالفعل، مدى فائدة النفوذ الأمريكي، حيث تشير التقارير، إلى أنه وفريقه لعبوا دورا حاسمًا في الضغط على نتنياهو، لقبول صفقة ظلت على الطاولة لعدة أشهر.. وينبغي لهم أن يشيروا بوضوح إلى نتنياهو، بأن الدعم الأمريكي لهذه الحرب قد انتهى؛ وإذا قرر نتنياهو أن الحرب حيوية على الرغم من ذلك، فيتعين على الولايات المتحدة أن تتوقف عن دفع ثمنها.
قد يصور صقور نتنياهو هذا الأمر على أنه خيانة.. ولكن ترامب وأمريكا، ليس لديهما مصلحة كبيرة في العودة إلى حملة إسرائيلية، مُكلفة سياسيًا ومشكوك فيها عسكريًا، خصوصًا وإن وقف إطلاق النار في غزة، يحظى بشعبية هائلة بين الأمريكيين، ولا يوجد سبب يذكر للاعتقاد، بأن إسرائيل اكتشفت الصيغة السرية لهزيمة حماس في النهاية وتحرير الرهائن!!.. فلفترة طويلة جدًا، ألقت الولايات المتحدة الأموال والأسلحة في الشرق الأوسط، وحلت القليل من المشاكل، بينما خلقت مشاكل جديدة.. ولم تكن الأشهر الخمسة عشر الماضية مختلفة.. ولدى ترامب فرصة لتغيير هذا.. كما قال في خطاب تنصيبه، (سنقيس نجاحنا، ليس فقط بالمعارك التي نفوز بها، ولكن أيضًا بالحروب التي ننهيها.. وربما الأهم من ذلك، الحروب التي لن ندخلها أبدًا.. سيكون إرثي الأكثر فخرًا، هو صانع السلام والمُوِحد).. وقد ينهار كل هذا، ما لم يوضح ترامب الآن لنتنياهو، أن الولايات المتحدة لن تدعم تجديد هذه الحرب المدمرة.
●●●
أثناء توقيعه على سلسلة من الأوامر التنفيذية في المكتب البيضاوي، قال ترامب للصحفيين إنه (غير واثق)، من أن الاتفاق، الذي يُنسب إليه إلى حد كبير الفضل في فرضه، سوف يصمد.. لكنه أضاف، (إنها ليست حربنا، بل هي حربهم ـ أي إسرائيل).. ولم يُخف ترامب رغبته في رؤية نهاية الحرب الإسرائيلية في غزة قبل توليه منصبه، وقد فاز بولاية ثانية جزئيًا على وعده بوضع (أمريكا أولًا)، والانسحاب من الصراعات في الخارج.. لكن المحللين حذروا من أن تصرفاته المبكرة، وكذلك السنوات الأربع الأولى من ولايته، لا تترك مجالًا للشك في دعم إدارته الثابت لإسرائيل، حتى مع سعي ترامب إلى إظهار نفسه بمظهر القوي، ونجاحه في الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للموافقة على صفقة رفضها قبل أشهر.. (كل ما كان مطلوبًا هو التهديد)، كما قالت ديانا بوتو، المحللة الفلسطينية والمفاوضة السابقة.. فقد استخدم ترامب نفوذ منصبه بطريقة لم يفعلها الرئيس السابق، جو بايدن أبدًا.. (ومع ذلك، أعتقد أنه لا ينبغي لنا أن نعطي ترامب كل هذا الضجيج والتصفيق، لأنني لا أعتقد أن الاتفاق جاء دون مكافأة لنتنياهو ودون تكلفة للفلسطينيين).. إذا تم الوعد بمكافأة مقابل الصفقة، فإن الأيام الأولى لترامب في منصبه، قد أشارت إلى ماهية ذلك.. فلم يهدر ترامب أي وقت في رفع عقوبات بايدن على المستوطنين الإسرائيليين، المتهمين بهجمات على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وقالت إليز ستيفانيك، التي اختارها ترامب لمنصب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، خلال جلسة تأكيد تعيينها، إن لإسرائيل (حقًا توراتيًا) في الضفة الغربية.. كما أشار مايك هاكابي، الذي اختاره لمنصب سفير واشنطن في إسرائيل، إلى الكتاب المقدس في هذا الموضوع، عندما قال، (لا يوجد شيء اسمه الضفة الغربية.. إنها يهودا والسامرة)!!.
ولم تُبْنَ هذه الأفعال والتصريحات، إلا على ما فعله ترامب بالفعل خلال فترة ولايته الأولى، كرئيس للولايات المتجدة، من عام 2017 إلى عام 2021، بما في ذلك خفض التمويل لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)؛ والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، على الرغم من احتلال نصفها الشرقي الفلسطيني؛ ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس؛ والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان المحتلة، وهي أرض سورية.. وفي اليوم الرابع من وقف إطلاق النار في غزة، بدأت القوات الإسرائيلية غارة على جنين في الضفة الغربية المحتلة، مما أسفر عن مقتل عشرات الأشخاص على الأقل، بل إن قواتها قامت بتدمير مربعات سكنية، كما فعلت في غزة من قبل، مما أثار مخاوف من أن إسرائيل ستكثف هجماتها هناك.. ولم يكن هناك أي رد فعل من جانب الولايات المتحدة، لأن وقف إطلاق النار لا يشمل الضفة الغربية!!.
(كان من المتوقع أن يحصل نتنياهو على مكافآت كبيرة في هذه الخطوة)، كما ترى بوتو، التي تتوقع أيضًا أن يتخذ ترامب قريبًا، إجراءات صارمة ضد الجماعات المؤيدة لفلسطين في الولايات المتحدة، وهي أولوية إسرائيلية أخرى، لقد أعطى ترامب الإسرائيليين كل ما يريدونه تقريبًا، وقال لهم فقط، (لا تجعلوني مستيقظًا طوال الليل).. ومع ذلك، فإن تلميح ترامب في اليوم الأول، إلى أن وقف إطلاق النار قد لا يحمل إشارات، إلا أن حتى مثل هذه المكافآت، قد لا تكون كافية لإبقاء نتنياهو ملتزمًا بوقف إطلاق النار، الذي حاربه لعدة أشهر من أجل بقائه السياسي.
وربما يستهدف ترامب إلقاء اللوم على آخرين ـ ربما حماس ـ بسبب الانهيار المحتمل للصفقة، التي ادعى أنه صاحب الفضل في التوسط فيها، كما يشير ها هيلير، المحلل السياسي في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، وفي مركز التقدم الأمريكي في واشنطن العاصمة، (أراد ترامب التوصل إلى اتفاق حتى يتمكن من القول إنه حصل على صفقة)، وأنه (سيكون مندهشًا إذا نجحنا في اجتياز المرحلة الأولى بالكامل، ما لم يكن لدينا المزيد من التدخل من واشنطن)، لأن مزاعم نتنياهو المتكررة بأن إسرائيل لديها (الحق) في استئناف القتال في غزة ـ والدعم الأمريكي للقيام بذلك ـ تأتي مؤشرًا على عدم وجود التزام حقيقي بوقف إطلاق النار من جانب إسرائيل.. (الجميع يطلقون على ذلك وقف إطلاق النار، لكن وقف إطلاق النار يعني وجود التزام بعدم العودة إلى الحرب.. وليس لدينا أي التزام حتى الآن.. كما أن التصريحات الصادرة عن مسئولين مختلفين في إدارة ترامب، وكذلك ترامب نفسه، ليست مُطمئنة في هذا الصدد.. هل سيستخدم ترامب النفوذ الأمريكي لضمان إكمال الإسرائيليين للمرحلة الأولى والانتقال إلى المرحلة الثانية والثالثة؟.. العلامات ليست مشجعة).
ولكن، على الرغم من أن ترامب ينظر إلى الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني باعتباره (ليس حربنا)، فإنه قد يكون لديه مصلحة حقيقية في إرثه كصانع صفقات، بحسب بعض المحللين.. في ولايته الأولى، اقترح ترامب (صفقة سلام) بين إسرائيل وفلسطين، والتي وصفتها إدارته بأنها (صفقة القرن)، وحاول (تطبيع) العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية، متجاوزًا الفلسطينيين في هذه العملية.. وهذه المرة، من المتوقع على نطاق واسع، أن يسعى مرة أخرى إلى التوصل إلى صفقة من شأنها ـ في حين تعمل على ترسيخ إرثه ـ أن تعود بالنفع أيضًا على مصالحه التجارية في المنطقة.. لكن التطبيع يتطلب مشروعًا سياسيًا أكثر شمولًا من اتفاقيات إبراهام، التي روج لها ترامب في ولايته الأولى، وفقًا لما قاله مات داس، نائب الرئيس التنفيذي لمركز السياسة الدولية التقدمي.. ليبقى السؤال: كيف يمكن لترامب أن يكون صانع سلام في الشرق الأوسط، وتكون أمريكا أولًا، في ظل الصلف الإسرائيلي وتعنت نتنياهو؟.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.
0 تعليق