يهدد الاستخدام الطبي للذكاء الاصطناعي بتقويض قدرة المرضى على اتخاذ قرارات شخصية. وفقاً لبحث أجراه د.كريستيان غونتر، في معهد ماكس بلانك للقانون الاجتماعي والسياسة الاجتماعية، في ألمانيا حلل خلاله دراسات حالة من المملكة المتحدة وكاليفورنيا لبيان ما إذا كان القانون قادراً على مواجهة هذا التهديد لاستقلالية المريض وكيف؟.
وعلى عكس الافتراضات السائدة، فإن القانون لا يشكل عقبة تعوق تطوير واستخدام التكنولوجيا المبتكرة فحسب، بل على العكس من ذلك، فهو يشكل هذا التطور بشكل نشط ويلعب دوراً مركزياً في حوكمة التكنولوجيات الجديدة، كما يوضح غونتر.
وتتم حالياً الموافقة على استخدام العديد من أنظمة الذكاء الاصطناعي السريرية في أنظمة الرعاية الصحية بجميع أنحاء العالم. ويتم تعريف الذكاء الاصطناعي على أنه تقنية قادرة على إنجاز أنواع المهام التي حلها الخبراء البشريون سابقاً من خلال معرفتهم ومهاراتهم وحدسهم. ومع ذلك، وعلى الرغم من كل المزايا المرتبطة بها، فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تشكل تهديداً محتملاً للموافقة المستنيرة المطلوبة قانوناً من المرضى. ويتطلب هذا الالتزام الكشف عن المعلومات من قبل المهني الطبي من أجل تصحيح اختلال التوازن في الخبرة بين الجانبين.
وفي بحثه، حدد كريستيان غونتر عدة مشاكل محددة يمكن أن تحدث في هذا السياق، هي أن استخدام الذكاء الاصطناعي السريري يتسبب في درجة من عدم اليقين بناءً على طبيعة المعرفة التي يولدها والصعوبات في التحقق العلمي من تلك المعرفة. بجانب اتخاذ بعض القرارات ذات الأهمية الأخلاقية بشكل مستقل نسبياً، أي بدون مشاركة ذات مغزى من المريض. كما أن قدرة المرضى على اتخاذ قرارات عقلانية في عملية صنع القرار الطبي يمكن أن تتعرض للتقويض بشكل كبير. وأن المرضى أحياناً غير قادرين على الاستجابة بشكل مناسب للاستبدالات غير الواضحة للخبرة البشرية بواسطة الذكاء الاصطناعي.
ولمعالجة هذه القضايا، فحص غونتر المعايير التي يقوم عليها مبدأ الموافقة المستنيرة في المملكة المتحدة وكاليفورنيا، وباستخدام اقتراح تنظيمي محدد، يوضح كيف يمكن تطوير اللوائح القانونية بطريقة مستهدفة لتعزيز التقدم التكنولوجي وحماية حقوق المرضى.